کد مطلب:90511 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:491
أَمَّا بَعْدُ، فَ[1] ذِمَّتی بِمَا أَقُولُ رَهینَةٌ، وَ أَنَا بِهِ زَعیمٌ. إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ عَمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْمَثُلاتِ حَجَزَتْهُ التَّقْوی عَنِ التَّقَحُّمِ فِی الشُّبُهَاتِ، وَ إِنَّ مَنْ فَارَقَ التَّقْوی أُغْرِیَ بِاللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ، وَ وَقَعَ فِی السَّیِّئَاتِ، وَ لَزِمَهُ كَثیرُ التَّبِعَاتِ. وَ إِنَّهُ[2] لا یَهْلِكُ عَلَی التَّقْوی سِنْخُ أَصْلٍ، وَ لا یَظْمَأُ عَلَی الْهُدی[3] زَرْعُ قَوْمٍ. فَاتَّقی عَبْدٌ رَبَّهُ، نَصَحَ نَفْسَهُ، وَ قَدَّمَ تَوْبَتَهُ، وَ غَلَبَ شَهْوَتَهُ، فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ، وَ أَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ، وَ الشَّیْطَانُ مُوَكَّلٌ بِهِ، یُزَیِّنُ لَهُ الْمَعْصِیَةَ لِیَرْكَبَهَا، وَ یُمَنّیهِ التَّوْبَةَ لِیُسَوِّفَهَا، حَتَّی تَهْجُمَ مَنِیَّتُهُ[4] عَلَیْهِ أَغْفَلَ مَا یَكُونُ عَنْهَا. أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَی الْفَقیهِ كُلِّ الْفَقیهِ[5] ؟. اَلْفَقیهُ كُلُّ الْفَقیهِ مَنْ لَمْ یُقَّنِطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَ لَمْ یُؤْیِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ[6]، وَ لَمْ [صفحه 311] یُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَ لَمْ یُرَخِّصْ لَهُمْ فی مَعَاصِی اللَّهِ[7]، وَ لا یُنْزِلُ الْعَارِفینَ الْمُوَحِّدینَ الْجَنَّةَ، وَ لا یُنْزِلُ الْعَاصینَ الْمُوَحِّدینَ النَّارَ، حَتَّی یَكُونَ الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الَّذی یَقْضی بَیْنَهُمْ، وَ[8] لاَ یَأْمَنَنَّ عَلی خَیْر هذِهِ الأُمَّةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: فَلاَ یَأْمَنُ مَكْرُ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ[9]، وَ لاَ یَیْأَسَنَّ لِشَرِّ هذِهِ الأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ[10]، وَ لاَ یَدَعِ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلی غَیْرِهِ. أَلاَ إِنَّهُ لا خَیْرَ فی عِبَادَةٍ لا عِلْمَ[11] فیهَا، وَ لا خَیْرَ فی عِلْمٍ لا فَهْمَ فیهِ، وَ لا خَیْرَ فی قِرَاءَةٍ لا تَدَبُّرَ فیهَا. فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ نَادی مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَیُّهَا النَّاسِ، إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالی مَجْلِساً أَشَدُّكُمْ لَهُ خَوْفاً، وَ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَی اللَّهِ أَحْسَنُكُمْ عَمَلاً، وَ إِنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدَهُ نَصیباً أَعْظَمُكُمْ فیمَا عِنْدَهُ رَغْبَةً. ثُمَّ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ: لاَ أَجْمَعُ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ خِزْیَ الدُّنْیَا وَ خِزْیَ الآخِرَةِ. فَیَأْمُرُ لَهُمْ بِكَرَاسِیَ فَیَجْلِسُونَ عَلَیْهَا، وَ أَقْبَلَ عَلَیْهِمُ الْجَبَّارُ بِوَجْهِهِ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ، وَ قَدْ أَحْسَنَ ثَوَابَهُمْ. أَلا وَ إِنَّ الْخَیْرَ كُلَّهُ فیمَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ، وَ[12] هَلَكَ امْرُؤٌ لَمْ یَعْرِفْ[13] قَدْرَهُ. [صفحه 312] أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فی دَهْرٍ عَنُودٍ، وَ زَمَنٍ كَنُودٍ[14]، یُعَدُّ فیهِ الْمُحْسِنُ مُسیئاً. وَ یَزْدَادُ الظَّالِمُ فیهِ عُتُوّاً، لا نَتْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا، وَ لا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا، وَ لا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّی تَحِلَّ بِنَا. فَالنَّاسُ عَلی أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: مِنْهُمْ مَنْ لا یَمْنَعُهُ الْفَسَادَ[15] فِی الأَرْضِ إِلاَّ مَهَانَةُ نَفْسِهِ، وَ كَلالَةُ[16] حَدِّهِ، وَ نَضیضُ[17] وَفْرِهِ. وَ مِنْهُمُ الْمُصْلِتُ بِسَیْفِهِ[18]، وَ الْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ، وَ الْمُجْلِبُ بِخَیْلِهِ وَ رَجِلِهِ. قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ، وَ أَوْبَقَ دینَهُ، لِحُطَامٍ یَنْتَهِزُهُ، أَوْ مِقْنَبٍ یَقُودُهُ، أَوْ مِنْبَرٍ یَفْرَعُهُ. وَ لَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَی الدُّنْیَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً، وَ مِمَّا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ عِوَضاً. وَ مِنْهُمْ مَنْ یَطْلُبُ الدُّنْیَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ، وَ لا یَطْلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْیَا. قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِهِ[19]، وَ قَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ[20]، وَ شَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ، وَ زَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ[21] لِلأَمَانَةِ، وَ اتَّخَذَ سِتْرَ اللَّهِ تَعَالی ذَریعَةً إِلَی الْمَعْصِیَةِ. وَ مِنْهُمْ مَنْ أَقْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُؤُولَةُ نَفْسِهِ، وَ انْقِطَاعُ سَبَبِهِ[22]، فَقَصَّرَتْهُ الْحَالُ عَلی[23] حَالِهِ، فَتَحَلَّی بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ، وَ تَزَیَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ. وَ لَیْسَ مِنْ ذَلِكَ فی مَرَاحٍ وَ لا مَغْدی. وَ بَقِیَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ، وَ أَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ. فَهُمْ بَیْنَ شَریدٍ نَادٍّ، وَ خَائِفٍ مَقْمُوعٍ، وَ سَاكِتٍ مَكْعُومٍ، وَ دَاعٍ مُخْلِصٍ، وَ ثَكْلانَ مُوجَعٍ. [صفحه 313] قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِیَّةُ، وَ شَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ. فَهُمْ فی بَحْرٍ أُجَاجٍ، أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ[24]، وَ قُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ. قَدْ وَعَظُوا حَتَّی مُلُّوا، وَ قُهِرُوا حَتَّی ذَلُّوا، وَ قُتِلُوا حَتَّی قَلُّوا. وَ اعْلَمُوا، رَحِمَكُمُ اللَّهُ، أَنَّكُمْ فی زَمَانٍ الْقَائِلُ فیهِ بِالْحَقِّ قَلیلٌ، وَ اللِّسَانُ فیهِ[25] عَنِ الصِّدْقِ كَلیلٌ، وَ اللاَّزِمُ فیهِ[26] لِلْحَقِّ ذَلیلٌ. أَهْلُهُ مُعْتَكِفُونَ عَلَی الْعِصْیَانِ، مُصْطَلِحُونَ عَلَی الاِدْهَانِ. فَتَاهُمْ عَارِمٌ، وَ شَائِبُهُمْ آثِمٌ، وَ عَالِمُهُمْ[27] مُنَافِقٌ، وَ قَارِئُهُمْ مُمَاذِقٌ، [ وَ جَاهِلُهُمْ ][28] مُسَوِّفٌ مُزْدَادٌ. لا یُعَظِّمُ صَغیرُهُمْ كَبیرَهُمْ، وَ لا یَعُولُ غَنِیُّهُمْ فَقیرَهُمْ. أَیُّهَا النَّاسُ[29]، عَلَیْكُمْ بِطَاعَةِ مَنْ[30] لا تُعْذَرُونَ بِجَهَالَتِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ الَّذی هَبَطَ بِهِ آدَمُ عَلَیْهِ السَّلامُ مِنَ السَّمَاءِ، وَ جَمیعُ مَا فُضِّلَ بِهِ النَّبِیُّونَ إِلی خَاتَمِ النَّبِیّینَ، فی عِتْرَةِ نَبِیَّكُمْ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. فَأَیْنَ یُتَاهُ بِكُمْ. بَلْ أَیْنَ تَذْهَبُونَ عَنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ؟. یَا مَنْ نُسِخَ مِنْ أَصْلابِ أَصْحَابِ السَّفینَةِ، هذِهِ مِثْلُهَا فیكُمْ فَارْكَبُوهَا، فَكَمَا نَجَا فی هَاتیكَ مَنْ نَجَا فَكَذَلِكَ یَنْجُو فی هذِهِ مَنْ یَدْخُلُهَا. [صفحه 314] وَ الْوَیْلُ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ، ثُمَّ الْوَیْلُ لِمَنْ تَخَلَّفَ. أَنَا رَهینٌ بِذَلِكَ، قَسَماً حَقّاً، وَ مَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفینَ. إِنّی فیكُمْ كَالْكَهْفِ لأَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَ إِنّی فیكُمْ كَبَابِ حِطَّةٍ، وَ هُوَ بَابُ السَّلاَمِ، مَنْ دَخَلَهُ سَلِمَ وَ نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَلَكَ. أَمَا بَلَغَكُمْ مَا قَالَ فیهِمْ نَبِیُّكُمْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فی حَجَّةِ الْوِدَاعِ: « إِنّی تَارِكٌ فیكُمُ الثِّقْلَیْنَ، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدی: كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتی أَهْلَ بَیْتی، وَ إِنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ، فَانْظُرُوا كَیْفَ تَخْلُفُونی فیهِمَا ». حُجَّةٌ فی ذِی الْحِجَّةِ فی حَجَّةِ الْوِدَاعِ. أَلا هذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ فَاشْرَبُوا، وَ هذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ فَاجْتَنِبُوا. أَلا وَ[31] إِنَّ أَبْغَضَ الْخَلائِقِ إِلَی اللَّهِ[32] تَبَارَكَ وَ[33] تَعَالی رَجُلانِ: رَجُلٌ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلی نَفْسِهِ، فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبیلِ، سَائِرٌ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ لاَ دَلیلٍ[34]، مَشْغُوف بِكَلامِ بِدْعَةٍ، وَ دُعَاءِ ضَلالَةٍ، فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتُتِنَ بِهِ، ضَالٌّ عَنْ هُدی[35] مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدی بِهِ فی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، حَمَّالُ خَطَایَا غَیْرِهِ، رَهْنٌ[36] بِخَطیئَتِهِ. وَ رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلاً، مُوضِعٌ فی جُهَّالِ الأُمَّةِ، غَادٍ[37] فی أَغْبَاشِ[38] الْفِتْنَةِ، عَمٍ بِمَا فی عَقْدِ[39] الْهُدْنَةِ، قَدْ لَهَجَ فیهَا بِالصَّوْمِ وَ الصَّلاةِ، قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ عَارِیاً مُنْسَلِخاً، وَ[40] قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُهُ مِنْ [صفحه 315] رَعَاعِ[41] النَّاسِ عَالِماً وَ لَیْسَ بِهِ[42]. بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعِ مَا قَلَّ مِنْهُ خَیْرٌ مِمَّا كَثُرَ. حَتَّی اِذَا مَا ارْتَوی مِنْ مَاءٍ آجِنٍ، وَ اكْتَنَزَ[43] مِنْ غَیْرِ طَائِلٍ، جَلَسَ بَیْنَ النَّاسِ قَاضِیاً[44]، ضَامِناً لِتَخْلیصِ مَا الْتَبَسَ عَلی غَیْرِهِ. فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَی الْمُبْهَمَاتِ هَیَّأَ لَهَا حَشْواً رَثّاً مِنْ رَأْیِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ. فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فی مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ، إِذَا مَرَّتْ بِهِ النَّارُ لَمْ یَعْلَمْ بِهَا. إِنْ خَالَفَ قَاضِیاً سَبَقَهُ لَمْ یَأْمَنُ یَنْقُضَ حُكْمَهُ مَنْ یَأْتی بَعْدَهُ، كَفِعْلِهِ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ. لا یَعْلَمُ إِذَا أَخْطَأَ، لأَنَّهُ[45] لا یَدْری أَنَّهُ[46] أَصَابَ الْحَقَّ[47] أَمْ أَخْطَأَ، فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ یَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ، وَ إِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ یَكُونَ قَدْ أَصَابَ. فَهُوَ[48] جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَلاتٍ[49]، عَاشٍ[50] رَكَّابُ عَشَوَاتٍ. [صفحه 316] لاَ یَعْتَذِرُ مِمَّا لا یَعْلَمُ فَیَسْلَمُ[51]، وَ لَمْ یَعَضَّ عَلَی الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ فَیَغْنَمُ[52]. یَذْرُو[53] الرِّوَایَاتِ ذَرْوَ[54] الرّیحِ الْهَشیمِ. لا مَلِیٌّ[55]، وَ اللَّهِ، بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَیْهِ، وَ لا هُوَ أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِهِ[56]، وَ لا یَنْدَمُ عَلی مَا فَرَطَ مِنْهُ مِنِ ادِّعَائِهِ عِلْمَ الْحَقِّ[57]. لا یَحْسِبُ الْعِلْمَ فی شَیْ ءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ، وَ لا یَری أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مِنْهُ مَذْهَباً لِغَیْرِهِ. وَ إِنْ قَاسَ شَیْئاً بِشَیْ ءٍ لَمْ یُكَذِّبْ رَأْیَهُ. وَ إِنْ خَالَفَ قَاضِیاً سَبَقَهُ لَمْ یَأْمَنْ مِنْ صِحَّتِهِ حینَ خَالَفَهُ[58]. وَ إِنْ أَظْلَمَ عَلَیْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ، لِمَا یَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ، وَ لِكَیْلا یُقَالَ: إِنَّهُ لا یَعْلَمُ. ثُمَّ أَقْدَمَ بِغَیْرِ عِلْمٍ، ثُمَّ جَسَرَ فَقَضی[59]. تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ، وَ تَعِجُّ مِنْهُ الْمَوَاریثُ، وَ تُوَلْوِلُ مِنْهُ الْفُتْیَا. وَ یُسْتَحَلُّ بِقَضَائِهِ الْفَرْجُ الْحَرَامُ، وَ یُحَرَّمُ بِمَرْضَاتِهِ الْفَرْجُ الْحَلالُ، وَ یُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْ أَهْلِهِ، فَیُدْفَعُ إِلی غَیْرِ أَهْلِهِ. أُولئِكَ الَّذینَ حَلَّتِ عَلَیْهِمُ النِّیَاحَةُ وَ هُمْ أَحْیَاءٌ. [صفحه 317] یَا طَالِبَ الْعِلْمِ، إِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلامَةً بِهَا یُشْهَدُ لَهُ وَ عَلَیْهِ. فَلِلدّینِ ثَلاثُ عَلامَاتٍ: اَلإیمَانُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِكُتُبِهِ، وَ رُسُلِهِ. وَ لِلْعَالِمِ ثَلاثُ عَلامَاتٍ: اَلْعِلْمُ[60] بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ بِمَا یُحِبُّ، وَ بِمَا یَكْرَهُ. وَ لِلْعَامِلِ ثَلاثُ عَلامَاتٍ: اَلصَّلاةُ، وَ الزَّكَاةُ، وَ الصَّوْمُ[61]. وَ لِلْمُؤْمِنِ ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ: اَلصِّدْقُ، وَ الْیَقینُ، وَ قِصَرُ الأَمَلِ. وَ لِلْمُتَّقی ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ: إِخْلاَصُ الْعَمَلِ، وَ قِصَرُ الأَمَلِ، وَ اغْتِنَامِ الْمَهَلِ. وَ[62] لِلظَّالِمِ[63] ثَلاثُ عَلامَاتٍ: یَظْلِمُ[64] مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِیَةِ، وَ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ، وَ یُظَاهِرُ الْقَوْمَ الظَّلَمَةِ. وَ لِلْمُنَافِقِ ثَلاثُ عَلامَاتٍ: یُخَالِفُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ، وَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ، وَ سَریرَتُهُ عَلانِیَتَهُ. وَ لِلْمُرَائی ثَلاثُ عَلامَاتٍ: یَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَ یَنْشَطُ إِذَا كَانَ مَعَ غَیْرِهِ[65]، وَ یَحْرَصُ عَلی كُلِّ أَمْرٍ یَعْلَمُ فیهِ الْمِدْحَةَ[66]. [صفحه 318] وَ لِلْحَاسِدِ ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ: یَغْتَابُ إِذَا غَابَ، وَ یَتَقَرَّبُ[67] إِذَا شَهِدَ، وَ یَشْمَتُ بِالْمُصیبَةِ. وَ لِلْكَسْلاَنِ ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ: یَتَوَانی حَتَّی یُفْرِطَ، وَ یُفْرِطُ حَتَّی یُضَیِّعَ، وَ یُضَیِّعُ حَتَّی یَأْثَمَ. وَ لِلْغَافِلِ ثَلاثُ عَلامَاتٍ: اَللَّهْوُ، وَ السَّهْوُ، وَ النِّسْیَانُ. وَ لِلْمُسْرِفِ ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ: یَأْكُلُ مَا لَیْسَ لَهُ، وَ یَشْرَبُ مَا لَیْسَ لَهُ، وَ یَلْبَسَ مَا لَیْسَ لَهُ. وَ لِلْمُتَكَلِّفِ ثَلاَثُ عَلامَاتٍ: یُنَازِعُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْغَلَبَةِ، وَ یَقُولُ مَا لا یَعْلَمُ، وَ یَتَعَاطی مَا لا یُنَالُ. وَ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذینَ قَبْلَكُمْ بِالتَّكَلُّفِ، فَلاَ یَتَكَلَّفْ رَجُلٌ مِنْكُمْ أَنْ یَتَكَلَّمَ فی دینِ اللَّهِ بِمَا لاَ یَعْلَمُ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَعْذُرُ عَلَی الْخَطَأِ إِنْ أَجْهَدْتَ رَأْیَكَ[68]. إِلَی اللَّهِ أَشْكُو[69] مِنْ مَعْشَرٍ یَعیشُونَ جُهَّالاً وَ یَمُوتُونَ ضُلاَّلاً. لَیْسَ فیهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ كِتَابِ اللَّهِ إِذَا تُلِیَ حَقَّ تِلاوَتِهِ، وَ لا سِلْعَةٌ أَنْفَقَ بَیْعاً، وَ لا أَغْلی ثَمَناً، مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَ لا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَ لا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَرِ. إِتَّخَذُوا الشَّیْطَانَ لأَمْرِهِمْ مِلاكاً، وَ اتَّخَذَهُمْ لَهُ أَشْرَاكاً، فَبَاضَ وَ فَرَّخَ فی صُدُورِهِمْ، وَ دَبَّ وَ دَرَجَ فی حُجُورِهِمْ، فَنَظَرَ بِأَعْیُنِهِمْ، وَ نَطَقَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ، وَ زَیَّنَ لَهُمُ الْخَطَلَ، فِعْلَ مَنْ قَدْ شَرِكَهُ الشَّیْطَانُ فی سُلْطَانِهِ، وَ نَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلی لِسَانِهِ. تَرِدُ عَلی أَحَدِهِمُ الْقَضِیَّةُ فی حُكْمٍ مِنَ الأَحْكَامِ فَیَحْكُمُ فیهَا بِرَأْیِهِ. [صفحه 319] ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ الْقَضِیَّةُ بِعَیْنِهَا عَلی غَیْرِهِ فَیَحْكُمُ فیهَا بِخِلافِهِ[70]. ثُمَّ یَجْتَمِعُ الْقُضَاةُ بِذَلِكَ عِنْدَ إِمَامِهِمُ[71] الَّذِی اسْتَقْضَاهُمْ، فَیُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمیعاً، وَ إِلهُهُمْ وَاحِدٌ، وَ نَبِیُّهُمْ وَاحِدٌ، وَ كِتَابُهُمْ وَاحِدٌ. أَفَأَمَرَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی بِالاِخْتِلافِ فَأَطَاعُوهُ، أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوْهُ؟. أَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دیناً نَاقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلی إِتْمَامِهِ؟. أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ للَّهِ[72]، فَلَهُمْ أَنْ یَقُولُوا وَ عَلَیْهِ أَنْ یَرْضی؟. أَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی دیناً تَامّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَنْ تَبْلیغِهِ وَ أَدَائِهِ؟. وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ یَقُولُ: مَا فَرَّطْنَا فِی الْكِتَابِ مِنْ شَیْ ءٍ[73]. وَ قَالَ: « فیهِ تِبْیَانٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ »[74]. وَ ذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ یُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَ أَنَّهُ لا اخْتِلافَ فیهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَ لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَیْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فیهِ اخْتِلافاً كَثیراً[75]. فقام رجل فقال: یا أمیر المؤمنین، فمن نسأل بعدك، و علی من نعتمد؟. فقال علیه السّلام: إِسْتَفْتِحُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ إِمَامٌ مُشْفِقٌ، وَ هَادٍ مُرْشِدٌ، وَ وَاعِظٌ نَاصِحٌ، وَ دَلیلٌ یُؤَدّی إِلی جَنَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ[76]. وَ إِنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنیقٌ، وَ بَاطِنُهُ عَمیقٌ، ذُو حَلاوَةٍ وَ مَرَارَةٍ. [صفحه 320] فَمَنْ طَهُرَ بَاطِنُهُ رَأَی عَجَائِبَ مَنَاظِرِهِ فی مَوَارِدِهِ وَ مَصَادِرِهِ. وَ مَنْ فَطَنَ لِمَا بَطَنَ، رَأَی مَكْنُونَ الْفِطَنِ، [ وَ ] مَكُتُومَ الْفِتَنِ، وَ عَجَائِبَ الأَمْثَالِ وَ السُّنَنِ[77]. لا تَفْنی عَجَائِبُهُ، وَ لا تَنْقَضی غَرَائِبُهُ. فیهِ مَرَابیعُ النِّعَمِ، وَ مَصَابیحُ الظُّلَمِ. لا تُفْتَحُ الْخَیْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتیحِهِ، وَ لا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِمَصَابِیحِهِ[78]، مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ، وَ بَاطِنِ حُكْمٍ. قَدْ أَحْمی حِمَاهُ، وَ أَرْعی مَرْعَاهُ. فیهِ شِفَاءُ الْمُشْتَفی، وَ كِفَایَةُ الْمُكْتَفی. فیهِ تَفْصیلٌ وَ تَوْصیلٌ، وَ بَیَانُ الإِسْمَیْنِ الأَعْلَیَیْنِ، الَّذَیْنِ جُمِعَا فَاجْتَمَعَا، وَ لا یَصْلُحَانِ إِلاَّ مَعاً. یُسَمَّیَانِ وَ یُوصَلانِ فَیَجْتَمِعَانِ. تَمَامُهُمَا فی تَمَامِ أَحَدِهِمَا. حَوَالَیْهِمَا نُجُومٌ، وَ عَلی نُجُومِهِمَا نُجُومٌ[79]. وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتینُ، وَ سَبَبُهُ الأَمینُ، وَ فیهِ رَبیعُ الْقَلْبِ، وَ یَنَابیعُ الْعِلْمِ، وَ مَا لِلْقَلْبِ جِلاءٌ غَیْرُهُ. مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ مِنْكُمُ[80] الْمُتَذَكِّرُونَ، وَ بَقِیَ النَّاسُونَ وَ الْمُتَنَاسُونَ[81]. فَإِذَا رَأَیْتُمْ خَیْراً فَأَعْینُوا عَلَیْهِ، وَ إِذَا رَأَیْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَانَ یَقُولُ: یَا ابْنَ آدَمَ، اعْمَلِ الْخَیْرَ وَدَعِ الشَّرَّ، فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ. أَلا إِنَّ هذِهِ الأُمَّةَ لا بُدَّ مُفْتَرِقَةٌ كَمَا افْتَرَقَتِ الأُمَمُ قَبْلَهَا، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا هُوَ كَائِنٌ. [صفحه 321] أَلا وَ إِنَّ هذِهِ الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلی ثَلاثٍ وَ سَبْعینَ فِرْقَةً، شَرُّهَا فِرْقَةٌ تَنْتَحِلُنی وَ لاَ تَعْمَلُ بِعَمَلی. فَقَدْ أَدْرَكْتُمْ وَ رَأَیْتُمْ، فَالْزَمُوا دینَكُمْ، وَ اهْتَدُوا بِهَدْی نَبِیِّكُمْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ اتَّبِعُوا سُنَّتَهُ، وَ اعْرِضُوا مَا أَشْكَلَ عَلَیْكُمْ عَلَی الْقُرْآنِ، فَمَا عَرَفَهُ الْقُرْآنُ فَالْزَمُوهُ، وَ مَا أَنْكَرَهُ فَرُدُّوهُ. وَ ارْضُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَبّاً، وَ بِالإِسْلامِ دیناً، وَ بِمُحَمَدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ نَبِیّاً، وَ بِالْقُرْآنِ حَكَماً وَ إِمَاماً[82]. [ أَیُّهَا النَّاسُ، ] عَلَیْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ الْحَبْلُ الْمَتینُ، وَ النُّورُ الْمُبینُ، وَ الذِّكْرُ الْحَكیمُ وَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقیمُ[83]، وَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَ الرَّیُ النَّاقِعُ، وَ الْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ، وَ النَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ: لا یَعْوَجُّ فَیُقَامُ[84]، وَ لا یَزیغُ فَیُسْتَعْتَبُ، وَ لا تُخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ[85]، وَ وُلُوجُ السَّمْعِ. مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَ مَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ. وَ اعْلَمُوا أَنَّ هذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذی لا یَغُشُّ، وَ الْهَادِی الَّذی لا یُضِلُّ، وَ الْمُحَدِّثُ الَّذی لا یَكْذِبُ. وَ مَا جَالَسَ هذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ بِزِیَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، زِیَادَةٍ فی هُدیً، أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمیً[86]. وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ عَلی أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، وَ لا لأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنیً. فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ، وَ اسْتَعینُوا بِهِ عَلی لأْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فیهِ الشِّفَاءُ مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَ هُوَ الْكُفْرُ وَ النِّفَاقُ، وَ الْغَیُّ وَ الضَّلالُ. فَاسْأَلُوا اللَّهَ بِهِ، وَ تَوَجَّهُوا إِلَیْهِ بِحُبِّهِ، وَ لا تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَی اللَّهِ تَعَالی بِمِثْلِهِ. [صفحه 322] وَ اعْلَمُوَا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَ قَائِلٌ[87] مُصَدَّقٌ. وَ أَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ شُفِّعَ فیهِ، وَ مَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ صُدِّقَ عَلَیْهِ. فَإِنَّهُ یُنَادی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ: « أَلا إِنَّ كُلَ حَارِثٍ مُبْتَلیً فی حَرْثِهِ وَ عَاقِبَةِ عَمَلِهِ غَیْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ ». فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَ أَتْبَاعِهِ، وَ اسْتَدِلُّوهُ عَلی رَبِّكُمْ، وَ اسْتَنْصِحُوهُ عَلی أَنْفُسِكُمْ، وَ اتَّهِمُوا عَلَیْهِ آرَاءَكُمْ، وَ اسْتَغِشُّوا فیهِ أَهْوَاءَكُمْ. فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ، وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ، حَدَّ اللَّهُ فیهِ الْحُدُودَ، وَ سَنَّ فیهِ السُّنَنَ، وَ ضَرَبَ فیهِ الأَمْثَالَ، وَ شَرَعَ فیهِ الدّینَ، لِیُبَیِّنَ لَهُمْ مَا یَأْتُونَ وَ مَا یَتَّقُونَ، لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ، وَ یَحْیَ مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمیعٌ عَلیمٌ[88]. أَعْدَلَهُ أَمْرَ نَفْسِهِ، وَ جَعَلَهُ[89] حُجَّةَ اللَّهِ تَعَالی[90] عَلی خَلْقِهِ. أَخَذَ عَلَیَ الْمُكَلَّفینَ میثَاقَهُ، وَ ارْتَهَنَ عَلَیْهِمْ أَنْفُسَهُمْ[91]. أَتَمَّ بِهِ نُورَهُ، وَ أَكْرَمَ[92] بِهِ دینَهُ، وَ قَبَضَ نَبِیَّهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ قَدْ فَرَغَ إِلَی الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدی بِهِ. فَعَظِّمُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ یُخْفِ عَنْكُمْ شَیْئاً مِنْ دینِهِ، وَ لَمْ یَتْرُكْ شَیْئاً رَضِیَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلاَّ وَ جَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِیاً، وَ آیَةً مُحْكَمَةً، تَزْجُرُ عَنْهُ أَوْ تَدْعُو إِلَیْهِ، فَرِضَاهُ فیمَا بَقِیَ وَاحِدٌ، وَ سَخَطُهُ فیمَا بَقِیَ وَاحِدٌ. وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ یَرْضی عَنْكُمْ بِشَیْ ءٍ سَخِطَهُ عَلی مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ لَنْ یَسْخَطَ عَلَیْكُمْ بِشَیْ ءٍ رَضِیَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ إِنَّمَا تَسیرُونَ فی أَثَرٍ بَیِّنٍ، وَ تَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَهُ الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ. [صفحه 323] [ فَ ] انْتَفِعُوا بِبَیَانِ اللَّهِ، وَ اتَّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللَّهِ، وَ اقْبَلُوا نَصیحَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْذَرَ إِلَیْكُمْ بِالْجَلِیَّةِ، وَ أَخَذَ عَلَیْكُمُ الْحُجَّةَ، وَ بَیَّنَ لَكُمْ مَحَابَّهُ مِنَ الأَعْمَالِ وَ مَكَارِهَهُ مِنْهَا، لِتَتَّبِعُوَا هذِهِ وَ تَجْتَنِبُوا هذِهِ. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَانَ یَقُولُ: إِنَّ الْجَنَّةَ حُفَّتْ[93] بِالْمَكَارِهِ، وَ إِنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ. وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[94] شَیْ ءٌ إِلاَّ یَأْتی فی كُرْهٍ، وَ مَا مِنْ مَعْصِیَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[95] شَیْ ءٌ إِلاَّ یَأْتی فی شَهْوَةٍ. فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً نَزَعَ عَنْ شَهْوَتِهِ، وَ قَمَعَ هَوی نَفْسِهِ، فَإِنَّ هذِهِ النَّفْسَ أَبْعَدُ شَیْ ءٍ مَنْزِعاً، وَ إِنَّهَا لا تَزَالُ تَنْزِعُ إِلی مَعْصِیَةٍ فی هَوی. وَ اعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّ الْمُؤْمِنَ لا یُصْبِحُ وَ لا یُمْسی إِلاَّ وَ نَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ، فَلا یَزَالُ زَارِیاً عَلَیْهَا وَ مُسْتَزیداً لَهَا، فَكُونُوا كَالسَّابِقینَ قَبْلَكُمْ، وَ الْمَاضینَ أَمَامَكُمْ، قَوَّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْویضَ الرَّاحِلِ، وَ طَوَوْهَا طَیَّ الْمَنَازِلِ. [ عِبَادَ اللَّهِ، ] الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَایَةَ النِّهَایَةَ. وَ الاِسْتِقَامَةَ الاِسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ، وَ الْوَرَعَ الْوَرَعَ. إِنَّ لَكُمْ نِهَایَةً فَانْتَهُوا إِلی نِهَایَتِكُمْ، وَ إِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ. وَ إِنَّ لِلإِسْلامِ غَایَةً فَانْتَهُوا إِلی غَایَتِهِ. وَ اخْرُجُوا إِلَی اللَّهِ مِمَّا[96] افْتَرَضَ عَلَیْكُمْ مِنْ حُقُوقِهِ[97]، وَ بَیَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ، وَ أَنَا شَهیدٌ لَكُمْ، وَ حَجیجٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَنْكُمْ. أَلا وَ إِنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ وَقَعَ، وَ الْقَضَاءَ الْمَاضِیَ قَدْ تَوَرَّدَ، وَ إِنّی مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ اللَّهِ وَ حُجَّتِهِ. [صفحه 324] قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ[98]: إِنَّ الَّذینَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ[99]. وَ قَدْ قُلْتُمْ: « رَبُّنَا اللَّهُ »، فَاسْتَقیمُوا عَلی كِتَابِهِ، وَ عَلی مِنْهَاجِ أَمْرِهِ، وَ عَلَی الطَّریقَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادَتِهِ[100] ]، ثُمَّ لا تَمْرُقُوا مِنْهَا، وَ لا تَبْتَدِعُوا فیهَا، وَ لا تُخَالِفُوَا عَنْهَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. ثُمَّ إِیَّاكُمْ وَ تَهْزیعَ الأَخْلاقِ وَ تَصْریفَهَا، وَ اجْعَلُوا اللِّسَانَ وَاحِداً. وَ لْیَخْزُنِ الرَّجُلُ لِسَانَهُ، فَإِنَّ هذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ. وَ اللَّهِ مَا أَری عَبْداً یَتَّقی تَقْوی تَنْفَعُهُ حَتَّی یَخْتَزِنَ لِسَانَهُ. وَ إِنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، وَ إِنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ. لأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ تَدَبَّرَهُ فی نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ خَیْراً أَبْدَاهُ، وَ إِنْ كَانَ شَرّاً وَ ارَاهُ، وَ إِنَّ الْمُنَافِقَ یَتَكَلَّمُ بِمَا أَتی عَلی لِسَانِهِ، لا یَدْری مَاذَا لَهُ وَ مَاذَا عَلَیْهِ. وَ لَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: « لا یَسْتَقیمُ إِیمَانُ عَبْدٍ حَتَّی یَسْتَقیمَ قَلْبُهُ، وَ لا یَسْتَقیمُ قَلْبُهُ حَتَّی یَسْتَقیمَ لِسَانُهُ ». فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ یَلْقَی اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی وَ هُوَ نَقِیُّ الرَّاحَةِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمینَ وَ أَمْوَالِهِمْ، سَلیمُ اللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ، فَلْیَفْعَلْ. وَ اعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّ الْمُؤْمِنَ یَسْتَحِلُّ الْعَامَ مَا اسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ، وَ یُحَرِّمُ الْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ، وَ أَنَّ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ لا یُحِلُّ لَكُمْ شَیْئاً مِمَّا حُرِّمَ عَلَیْكُمْ. وَ لكِنَّ الْحَلالَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَ الْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ. فَقَدْ جَرَّبْتُمُ الأُمُورَ وَ ضَرَّسْتُمُوهَا، وَ وُعِظْتُمْ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ ضُرِبَتْ لَكُمْ الأَمْثَالُ، وَ دُعیتُمْ إِلَی الأَمْرِ الْوَاضِحِ، فَلا یَصُمُّ عَنْ ذَلِكَ إِلاَّ الأَصَمُّ[101]، وَ لا یَعْمی عَنْهُ إِلاَّ الأَعْمی. [صفحه 325] وَ مَنْ لَمْ یَنْفَعْهُ اللَّهُ بِالْبَلاءِ وَ التَّجَارِبِ لَمْ یَنْتَفِعْ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْعِظَةِ، وَ أَتَاهُ التَّقْصیرُ[102] مِنْ أَمَامِهِ، حَتَّی یَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ، وَ یُنْكِرَ مَا عَرَفَ. وَ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلانِ: مُتَّبِعُ شِرْعَةٍ، وَ مُبْتَدِعُ بِدْعَةٍ، لَیْسَ مَعَهُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّةٍ، وَ لا ضِیَاءُ حُجَّةٍ. یَا أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الذُّنُوبَ ثَلاَثَةٌ: فَذَنْبٌ مَغْفُورٌ، وَ ذَنْبٌ غَیْرُ مَغْفُورٍ، وَ ذَنْبٌ نَرْجُو لِصَاحِبِهِ[103] وَ نَخَافُ[104] عَلَیْهِ. أَمَّا الذَّنْبُ الْمَغْفُورُ، فَعَبْدٌ عَاقَبَهُ اللَّهُ تَعَالی عَلی ذَنْبِهِ فِی الدُّنْیَا، فَاللَّهُ أَحْلَمُ وَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ یُعَاقِبَ عَبْدَهُ مَرَّتَیْنِ. وَ أَمَّا الذَّنْبُ الذَّی لا یَغْفِرُهُ اللَّهُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضُهِمْ لِبَعْضٍ. إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالی إِذَا بَرَزَ لِخَلْقِهِ أَقْسَمَ قَسَماً عَلی نَفْسِهِ فَقَالَ: « وَ عِزَّتی وَ جَلالی، لا أَجُوزُ فی ظُلْمِ ظَالِمٍ، وَ لَوْ كَفّاً بِكَفٍّ، وَ لَوْ مَسْحَةً بِمَسْحَةٍ، وَ لَوْ نَطْحَةَ مَا بَیْنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ وَ الشَّاةِ الْجَمَّاءِ ». فَیَقْتَصُّ اللَّهُ لِلْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّی لا یَبْقی لأَحَدٍ عَلی أَحَدٍ مَظْلَمَةٌ، ثُمَّ یَبْعَثُهُمْ إِلَی الْحِسَابِ. وَ أَمَّا الذَّنْبُ الثَّالِثُ، فَذَنْبٌ سَتَرَهُ اللَّهُ تَعَالی عَلی عَبْدِهِ، وَ رَزَقَهُ التَّوْبَةَ مِنْهُ، فَأَصْبَحَ خَائِفاً مِنْ ذَنْبِهِ، رَاجِیاً لِرَبِّهِ، فَنَحْنُ نَرْجُو لَهُ كَمَا هُوَ لِنَفْسِهِ، نَرْجُو لَهُ الرَّحْمَةَ، وَ نَخَافُ عَلَیْهِ الْعِقَابَ[105]. أَلا وَ إِنَّ الظُّلْمَ ثَلاَثَةٌ: فَظُلْمٌ لا یُغْفَرُ. وَ ظُلْمٌ لا یُتْرَكُ. وَ ظُلْمٌ مَغْفُورٌ لا یُطْلَبُ. فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذی لا یُغْفَرُ، فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَ الْعَیَاذُ بِاللَّهِ[106]. [صفحه 326] قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ یَشَاءُ[107]. وَ قَالَ تَعَالی: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظیمٌ[108]. وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذی لا یُتْرَكُ، فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، حَتَّی یُدینَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ[109]. وَ أَمَّا الظُّلْمُ الْمَغْفُورُ الَّذی لا یُطْلَبُ[110]، فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ عِنْدَ بَعْضِ الْهَنَاتِ. [ أَیُّهَا النَّاسُ، ] الْقِصَاصُ هُنَاكَ شَدیدٌ، لَیْسَ هُوَ جَرْحاً بِالْمُدی، وَ لا ضَرْباً بِالسِّیَاطِ، وَ لَكِنَّهُ مَا یُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَهُ. فَإِیَّاكُمْ وَ التَّلَوُّنَ فی دینِ اللَّهِ، فَإِنَّ جَمَاعَةً فیمَا تَكْرَهُونَ مِنَ الْحَقِّ، خَیْرٌ مِنْ فُرْقَةٍ فیمَا تُحِبُّونَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یُعْطِ أَحَداً بِفُرْقَةٍ خَیْراً مِمَّنْ مَضی، وَ لا مِمَّنْ بَقی. یَا أَیُّهَا النَّاسُ، طُوبی لِمَنْ شَغَلَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ النَّاسِ، وَ تَوَاضَعَ مِنْ غَیْرِ مَنْقَصَةٍ، وَ جَالَسَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَ الْحِكْمَةِ، وَ خَالَطَ أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ، وَ أَنْفَقَ مَالاً جَمَعَهُ فی غَیْرِ مَعْصِیَةٍ. أَیُّهَا النَّاسُ[111]، طُوبی لِمَنْ لَزِمَ بَیْتَهُ، وَ أَكَلَ قُوتَهُ[112]، وَ اشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ، وَ بَكی عَلی خَطیئَتِهِ، فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فی شُغُلٍ[113]، وَ النَّاسُ مِنْهُ فی رَاحَةٍ. أَیُّهَا النَّاسُ، طُوبی لِمَنْ ذَلَّ فی نَفْسِهِ، وَ طَابَ كَسْبُهُ، وَ صَلُحَتْ سَریرَتُهُ، وَ حَسُنَتْ عَلاَنِیَتُهُ، وَ طَهُرَتْ[114] خَلیقَتُهُ، وَ اسْتَقَامَتْ طَریقَتُهُ[115]، وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ[116]، وَ عَزَلَ[117] عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَ لَمْ یُنْسَبْ[118] إِلَی[119] الْبِدْعَةِ. [صفحه 327]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ، وَ الصَّلاةُ عَلی نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.
صفحه 311، 312، 313، 314، 315، 316، 317، 318، 319، 320، 321، 322، 323، 324، 325، 326، 327.
و البحار ج 2 ص 48. باختلاف بین المصادر. و تاریخ دمشق ( ترجمة علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 283. و تذكرة الخواص ص 79. و كفایة الطالب ص 390. و الدر المنثور ج 5 ص 332. و تاریخ الخلفاء ص 211. و البحار ج 2 ص 48. و ص 100. و نهج السعادة ج 1 ص 543. و ج 3 ص 91. و مصادر نهج البلاغة ج 4 ص 87. باختلاف بین المصادر. و نسخة العطاردی ص 25. و أمالی الطوسی ص 240. و دستور معالم الحكم ص 142. و تاریخ دمشق ( ترجمة علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 274. و كنز العمال ج 16 ص 98. و الاحتجاج ص 262. و البحار ج 2 ص 100. و نهج السعادة ج 3 ص 92. و نهج البلاغة الثانی ص 104. باختلاف بین المصادر. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 27. و متن شرح ابن أبی الحدید ( طبعة دار الأندلس ) ج 1 ص 94. و نسخة الأسترابادی ص 23. و نسخة عبده ص 107. و نسخة العطاردی ص 26. و دستور معالم الحكم ص 143. و نهج السعادة ج 3 ص 94. و نهج البلاغة الثانی ص 105. باختلاف. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 50. و نهج البلاغة الثانی ص 57. باختلاف یسیر.